يأتيك من العدم ..
ويتغلغل فيك بوقاحة دون أن تدري من أين وكيف ..
والأدهى والأمر أن لا يكون لك حيلة في صده أو إيقافه ..
منذ نعومة "خشتي" والملل هو الشيء الوحيد الذي أخشاه إلى درجة قد لا يصدقها عقل..
أن أختلي بنفسي قليلاً يعني أن أفتح الباب على مصراعيه للملل كي يدخل ويفرض سيطرته الكاملة علي ..
والمؤسف والمحزن في نفس الوقت أن يكون الروتين اليومي الذي تمارسه والذي لا يمكن التخلي عنه هو أحد أهم وأكبر مسببات الملل..
أن تستيقظ كل صباح في ساعة معينة وتمارس روتين معين في اللبس والإفطار أمر يبعث على الملل..
أن تذهب للعمل كل صباح لسنوات طويلة متخذاً نفس الطريق أمر يبعث على الملل ..
أن ترى الوجوه ذاتها في العمل وتمارس ذات العمل في ذات المكتب أمرٌ يبعث على الملل ..
أن تمارس النفاق الاجتماعي مع بعض المدراء وصبابي القهوة أيضاً أمر يبعث على الملل ..
بالمناسبة .. صباب القهوة يملك سلطة لا يملكها بعض المدراء أحياناً ..
بإمكانه أن " يحوس" قهوتك الصباحية ويعكر مزاجك لباقي اليوم ..
ناهيك عن كونه الوحيد القادر على ضبط تردد موجات المدير العام ونائبه منذ بداية الدوام ..
ولأننا أمة راقية كان عامل القهوة هو الوحيد القادر على تحديد مصير موظفي شركة كاملة من أول الصباح ..
كثير من الأمور من حولك تشعرك بالملل ..
وتشعرك بالزيف التام وأنت تمارسها ..
لأجل ذلك وبحثاً عن مخرج كان حب الاستطلاع " اللقافة إن صح لساني " أحد أهم وأقوى العوامل المقاومة للملل التي قررت انتهاجها ..
لذلك أجدني أقضي مع عامل البقالة نصف ساعة في حديث أقل ما يقال عنه "سامج" ..
عندما يحدثني بهادور عن قصة العشق التي عاشها ..
وكيف وقفت عائلة معشوقته في وجهة ..
تجد نفسك أمام أحد أفلام بوليوود بنفس الحبكة الدرامية ..
وتشعر لوهلة أن أميتاب باتشان سيخرج من قبره فجأة وبدون مقدمات ليمسك بالرصاصة التي أُطلقت على محبوبته بين أصبعيه ..
ثم ينحرف في مشهد درامي يثير الشفقة ليصوب الرصاصة باتجاه الخصم فتخترق جبهته لترديه قتيلا ..
كنت أقسمت أنهم قومٌ سذج ..
ثم توقفت لوهلة حين أدركت أن سدس أهل الأرض يشاهدون تلك النوعية من الأفلام ..
ثم تذكرت غاندي وجواهر لال نهرو وتاج محل ..
ثم تذكرت أنها دولة غارقة في الحضارة ..
ثم تذكرت أنها دولة نووية ..
ثم "لفقتها وبلعت العافية" ..
ما السر إذاً ؟
أين الخلل ؟
هل أنا العاقل الوحيد ؟!!
بعد طول تأمل أقنعت نفسي أن الفنتازيا في بعض الأحيان قد تكون مخرجاً من الملل ؟؟
وأن للفنتازيا أهمية قصوى ..
إذ أنها تلهب الخيال ..
وتشجع على التفكير الغريب ..
بالتالي قد نخرج بأفكار جنونية كانت يوماً ما من الفنتازيا ..
أفففففففف
بدأت أشعر بالملل وأنا أكتب ..
هناك 5 تعليقات:
لو كان الملل رجلا لما أكتفيت بصفعه...
لقتلته شر قتلة ...
يذكرني حديثك عن الملل بالشخصية الرئيسيه في روايةمحمد حسن علوان "صوفيا"...
انفلونزا الملل استفحلت بشكل مريع ...
حتما لو كان رجلاً لقتلته...
لولا الملل لما تفجر الابداع حرفا حرفا
هل ضر هذا الكون نبض لقائنا !
أم أن هذا الحزن أدمن أضلعي ؟
في قطار وعودك كل المقاعد كانت مشغولة فسافرت صوبك واقفة لا أحب الجلوس على المقعد الاحتياطي للحب
اتعلَّم سأغير اسمي لـ ( وحدي ) حتى لما تقول اتركيني لوحدي تجد نفسك عندي
إرسال تعليق